وقعت الجمعيات الحقوقية الـ 22 المكونة للائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان، عشية يوم الخميس بقاعة باحنيني بوزارة الثقافة بالرباط، على صيغة محينة ل”الميثاق الوطني لحقوق الإنسان”.
وتضمنت الوثيقة المصادق عليها من طرف 22 جمعية على: 1-ديباجة،2-المنطلقات المؤسسة للميثاق،3-الإلتزامات والتعهدات،4-إعلان الإستعدادات، حيث سبق للإئتلاف أن نظم مجموعة من اللقاءات الجهوية لمناقشة مشروع الميثاق، قبل إدخال التعديلات والمصادقة عليه نهائيا ليلة أمس الخميس التي عرفت بالمناسبة تكريم رائدة العمل الحقوقي ومنسقة الإئتلاف خديجة رياضي بمناسبة حصولها على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لسنة 2013.
وننشر أسفلة كلمة الإئتلاف خلال المهرجان :
ونحن نخلد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي يصادف هذه السنة، الذكرى 65 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونحيي الذكرى 15 لصدور الإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، والذكرى العشرين لآخر قمة عالمية لحقوق الإنسان المنعقدة في فيينا، وبعد مرور 23 سنة عن الإعلان عن أول ميثاق وطني لحقوق الإنسان من طرف خمس هيئات حقوقية مغربية، وهي جمعية هيئات المحامين بالمغرب وجمعية الحقوقيين بالمغرب والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وبعد التطور الكمي والنوعي الذي عرفته الساحة الحقوقية المغربية، والدور المحوري للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في انتزاع المكاسب الحقوقية، وتأكيدا على استعداد الحركة الحقوقية لمواجهة التحديات الكبيرة التي لازالت تنتصب أمامها بمنظور استشرافي ، ينظم الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان هذا اليوم مهرجانا حقوقيا للإعلان عن الميثاق الوطني لحقوق الإنسان المحين. هذا الحدث تزامن مع موعدين تاريخين كذلك :
· الأول تكريم رواد الحركة الحقوقية الذين أسهموا – كل في موقعه – في انتزاع مكاسب عدة بفضل نضالاتهم وتضحياتهم، والذي نعتبره تكريما لكل من ضحى سابقا من أجل أن نعيش اليوم في وضع أفضل…
· الثاني عودة المناضلة خديجة رياضي – منسقة الائتلاف - من مقر الأمم المتحدة بنيويورك والائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان فخور ومعتز باختيار الأمم المتحدة للمناضلة والفاعلة الحقوقية خديجة رياضي، منسقة الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان والرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لنيل جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 2013، ضمن ست شخصيات مناضلة من أجل حقوق الإنسان عبر العالم، متوجة لها كأول امرأة في المنطقة المغاربية والعربية تفوز بهذه الجائزة الأممية التي سبق وأن نالها مناضلون كبار من طينة الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا ، الذي فقدناه مؤخرا كرمز عالمي للمدافعين عن الحقوق والحريات، هذا التتويج يأتي اعترافا بالجهود التي بدلتها من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان ، داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خاصة والتي ترأستها سابقا ، ورفقة جميع الناشطات والنشطاء الحقوقيين المغاربة عامة داخل الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان
وكأنما الزمن أراد أن ينصف الحقوقيات والحقوقيين المغاربة بهذا التكريم المزدوج بين جيلين جيل بني اللبنات الأولى لحقوق الإنسان وجيل جديد ناضل من أجل الحفاظ على المكتسبات بل وضحى من أجل عدم المس بها وتطويرها وتنويعها
لقد بدا واضحا أننا نحيي هذا اليوم العالمي هذه السنة في ظرفية صعبة تتعثر فيه آمال شعوب المنطقة العربية والمغاربية في تحقيق الديمقراطية التي خرجت من أجلها في انتفاضات عارمة منذ 2011 وقدمت من أجلها العديد من التضحيات،
إن الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان وهو يخلد هذه المناسبة ، يسجل ما تم تحقيقه من مكاسب بفضل النضالات الطويلة والمريرة للحركة الديمقراطية المغربية، ومن ضمنها الحركة الحقوقية بمختلف مكوناتها، ويحيي ما قدمته من تضحيات من أجل ذلك، كما يقف، في نفس الوقت، عند المعيقات الكثيرة التي لازالت تقف حاجزا أمام تحقيق الديمقراطية الفعلية باعتبارها الإطار العام لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.
وحتى بعد مرور سنتين ونصف على دخول دستور 2011 حيز التنفيذ، ورغم تنصيصه على عدد من الحقوق والحريات، لم يسفر عن تشييد دولة الحق والقانون والبناء الديمقراطي المنشود الذي ظل الشعب المغربي يتطلع إليه ويناضل ويضحي من أجله، وهو التطلع الذي عبرت عنه كذلك ولازالت مختلف النضالات الشعبية في معظم المدن والقرى المغربية وفي مقدمتها حركة 20 فبراير المطالبة بجعل حد للفساد والاستبداد والظلم والقهر، والتي ووجهت بحملة قمعية شرسة زجت بالعديد من نشطائها في السجن، في تعارض تام مع تلك الحقوق والحريات نفسها، مما يؤكد استمرار الوضع المحجوز للديمقراطية.
ورغم التبني الرسمي لخطاب حقوقي ” متقدم ” خاصة على المستوى المؤسساتي والدستوري ورغم مرور ثماني سنوات على صدور تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة ، الذي انتهى إلى توصيات هامة وان لم ترق إلى مستوى مطالب الحركة الحقوقية بشأن تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب ، فإنها لازالت تنتظر التنفيذ ، كما أن واقع حقوق الإنسان بالمغرب لازال يشهد استمرار الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وتجاهل المقتضيات التشريعية الصادرة في هذا المجال .
إن الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، وهو يؤكد أن النضال من أجل الاحترام الفعلي لحقوق الإنسان وحمايتها لا يتجزأ عن النضال من أجل الديمقراطية، التي يعتبر تحقيقها شرطا لإقرار الحقوق وهدفا لها، يجدد تأكيده على الاستمرار في نضاله من أجل بناء دولة الحق والقانون وتشييد الديمقراطية التي تستوجب الفصل الحقيقي بين السلط، واستقلال القضاء، وتمكين الشعب المغربي من تقرير مصيره عبر انتخابات حرة ونزيهة، تعبر عن إرادته الحقيقية والفعلية وتمكنه من اختيار السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يريد. كما تتطلب الاحترام التام لكافة الحريات وسمو القانون ومساواة الجميع أمامه، وتحقيق المساواة بين النساء والرجال في جميع المجالات.
إن الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، وهو يستحضر التحديات التي تنتصب أمام الحركة الحقوقية في نضالها من أجل الديمقراطية، يعتبر نفسه جزءا من الحركة الحقوقية العالمية، وينخرط في مجهودها من أجل عالم دون حروب، تحترم فيه كافة حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، وتتمتع فيه البشرية بالأمن والسلم وبالحماية من كل أشكال الحاجة وأسباب الخوف، وتتوفر فيه كل شروط التنمية المستدامة.
وباستثناء بعض المكتسبات الجزئية خلال السنتين الأخيرتين المتمثلة في انخراط الدولة المغربية في مسلسل المصادقة على بعض الاتفاقيات ذات الصلة بحقوق الإنسان من بينها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء ألقسري- دون القيام بإجراءات التصديق- والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، وباستثناء ذلك فإن المغرب – ورغم حصوله على مقعد بمجلس حقوق الإنسان مؤخرا – فان ذلك لم ينعكس إيجابا على المغاربة ، فقد تراجع وتقهقر في ترتيب المؤشرات الخاصة بحريات أساسية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر احتلاله لمرتبة متدنية في حرية الصحافة (الرتبة 136في تصنيف منظمة”مراسلون بلا حدود” لسنة2013)، ثم تراجعه في ترتيب مؤشر الشفافية والنزاهة من الرتبة 87 سنة 2012 إلى الرتبة 91 عالميا سنة 2013 من خلال تصنيف “منظمة الشفافية الدولية”( ترانسبرانسي أنترناسيونال).ناهيك عن العنف اليومي الممارس ضد المحتجين سلميا في معظم المدن والقرى المغربية.
يأتي إحياء هذا اليوم العالمي في ظل سياق وطني يتسم لدى المغاربة عامة ولدى الحقوقيين خاصة بالقلق والتذمر إزاء التدهور العام لمناخ الحقوق والحريات وبروز مؤشرات قوية للتراجع عن العديد من المكتسبات الحقوقية التي تمت مراكمتها على امتداد عقود وتتطلب التحصين بفعل نضال المدافعين عن حقوق الإنسان وحماة الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية، كما تهيمن على الظرفية العامة الوطنية الراهنة هواجس الترقب الحذر والاحتراز في إبداء الاطمئنان إزاء واقع ومستقبل العديد من الحقوق المكتسبة والحريات الفردية والجماعية..
لذا واعتبارا لكل ما ذكر فان الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان يطالب بما يلي :
· يطالب الدولة المغربية بتحمل مسؤوليتها الكاملة في التحرك العاجل من أجل التفعيل الفوري لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة دون انتقائية أو تصنيف .
· يطالب الدولة المغربية بالوفاء بالتزاماتها الدولية بالمصادقة على كل الاتفاقيات الدولية الضامنة لحقوق الإنسان والإسراع بإصلاح منظومة القضاء والعدالة وإعادة النظر في السياسة الجنائية وإعمال الحكامة الأمنية ، بما يضمن كافة الحقوق والحريات لجميع المغاربة مع الإلغاء الفوري لقانون ” مكافحة الإرهاب ” وجبر الضرر لضحاياه .منذ تاريخ تطبيقه.
· يدعو الجهات الرسمية إلى التجاوب مع تقارير وتوصيات لجن تقصي الحقائق للمنظمات الحقوقية عامة والائتلاف خاصة في العديد من الملفات التي عرفت انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان ، كما يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الكشف عن تقارير أللجن التي سبق وأن شكلها عقب مجموعة من الأحداث.
· يدعو إلى ضرورة إصلاح ودمقرطة الإعلام العمومي ومنظومات تعزيز حريات الرأي والتعبير والصحافة والحق في الإعلام والحصول على المعلومة.
· يؤكد على أن ورش الإصلاح الدستوري لازال مفتوحا وبالتالي فان إقرار دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا يتلاءم مع المواثيق الدولية ، لازال مطلبا أساسيا ومنطلقا لانتخابات نزيهة وذات مصداقية
· يؤكد على الدعم اللامشروط لكل الحركات الاحتجاجية السلمية بكل مناطق المغرب المطالبة بإقرار الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان
الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان
الكتابة التنفيذية